نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2266
«وَقُلْ: عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً» .. من هذا النهج الذي يصل القلب دائما بالله، في كل ما يهم به وكل ما يتوجه إليه.
وتجيء كلمة «عَسى» وكلمة «لِأَقْرَبَ» للدلالة على ارتفاع هذا المرتقى، وضرورة المحاولة الدائمة للاستواء عليه في جميع الأحوال.
وإلى هنا لم نكن نعلم: كم لبث الفتية في الكهف. فلنعرفه الآن لنعرفه على وجه اليقين:
«وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ، وَازْدَادُوا تِسْعاً. قُلِ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ» ..
فهذا هو فصل الخطاب في أمرهم، يقرره عالم غيب السماوات والأرض. ما أبصره، وما أسمعه! سبحانه.
فلا جدال بعد هذا ولا مراء.
ويعقب على القصة بإعلان الوحدانية الظاهرة الأثر في سير القصة وأحداثها: «ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ. وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً» ..
وبتوجيه الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى تلاوة ما أوحاه ربه إليه، وفيه فصل الخطاب- وهو الحق الذي لا يأتيه الباطل- والاتجاه إلى الله وحده، فليس من حمى إلا حماه. وقد فر إليه أصحاب الكهف فشملهم برحمته وهداه:
«وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ، وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً» ..
وهكذا تنتهي القصة، تسبقها وتتخللها وتعقبها تلك التوجيهات التي من أجلها يساق القصص في القرآن.
مع التناسق المطلق بين التوجيه الديني والعرض الفني في السياق.